ما لك ههنا يا إيليا؟
وكان كلام الرب إليه يقول ما لك ههنا يا إيليا؟ ... فقال اخرج وقف على الجبل أمام الرب (1مل 19: 9 ،11)
"
ما لك ههنا يا إيليا؟" ذلك سؤال يمكن بحق أن يوَّجه إلى كثيرين منا
عندما نترك مكان خدمتنا المعيَّن لنا بين إخوتنا،
ثم نذهب لننام تحت رتمة أو لنخبئ أنفسنا في مغارة.
ولا شك أن سؤال الرب هذا كشف حالة نفس إيليا.
لكن كان عليه - أي على إيليا - أن يعرف السبب الحقيقي لهروبه وفراره، فلم يكن السبب أن غيرته للرب لم تُحدث أي تغيير في الشعب، ولا أن حالة الشعب كانت سيئة لدرجة لا يُرجى منها فائدة، ولا أنهم طلبوا نفسه ليأخذوها، بل أنه خاف فهرب.
هرب لأنه لم يجعل الرب أمامه في كل حين، فنظر الطريق وصعوباتها بدلاً من النهاية المجيدة التي في آخر الطريق. فما قيمة أتعاب تُفضي إلى مجد؟!
وهنا قال الرب لإيليا "اخرج وقف على الجبل أمام الرب". هذه الكلمات تكشف لنا عن سر فشل إيليا. إن سر فشله لا يُعزي لأي سبب إلا لأنه لم يكن أمام الرب ولم يجعل الرب أمامه. لقد كان سر قوته أمام آخاب، وسر قوته في إقامة ابن الأرملة، وفي الإتيان بنار من السماء، وفي انقطاع المطر ثم في مجيئه؛ السر في هذا كله كان أنه
كان يعمل بإيمان أمام الله الحي
. ولما كفَّ عن ذلك خاف وهرب.
بقى درس أخير كان على إيليا أن يتعلمه أمام الرب. لقد رأى النار نازلة على جبل الكرمل، ورأى السماء اسودّت من الغيم والريح عندما جاء المطر، وظن أنه نتيجة لظهور هذه القوات العظيمة سترجع الأمة إلى الله في توبة عميقة، وللحظة سقط الشعب على وجوههم وقالوا "الرب هو الله"، لكن لم يكن هناك رجوع حقيقي. فكان على إيليا أن يتعلم أن الريح والزلزلة والنار لا يمكن أن تكون وسائط لإيقاظ الناس، إلى أن يُسمع "الصوت المنخفض الخفيف". فلا رجوع إلى الله رجوعاً حقيقياً إلا إذا سُمع صوت النعمة الذي يجتذب القلب إلى الله.
فصوت الرعود فوق جبل سيناء ينبغي أن يتبعه صوت النعمة،
فالله لم يكن في الريح ولا في الزلزلة ولا في النار، بل في الصوت المنخفض الخفيف، صوت النعمة.
هاملتون سميث